الأربعاء، 14 يناير 2015

قصيدة شعرية من ديواني الجديد بعنوان : تَغْرِيْد





يَقُولُونَ :
غَرِّدْ فِي السِّيَاسَةِ وَاسْتَنْفِرْ جُمُوعَ النَّائِمِينْ ،،
فَقُلْتُ : 
مَنْ نَامَ مُخْتَارًا وَيَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ بَعْدِ حِينْ ،، 
سَيَعُودُ لِلنَّوْمِ الْعَمِيقِ مُجَدَّدًا كَالْغَافِلِينْ ،،
فَلِمَ أُغَرِّدُ سَاخِطًا أَوْ دَاعِيًا لِغَدٍ فَطِينْ ؟،،
تِلْكَ السِّيَاسَةُ نَارُهَا حَرَّاقَةٌ لِلطَّامِعِينْ ،، 
وَأَنَا السِّيَاسَةُ لَيْسَ لِي فِيْهَا مَطَاحِنُ أَوْ طَحِينْ ،،
فَلِمَ أُغَرِّدُ سَاخِرًا وَغَدًا أَكُونُ بِهَا سَجِينْ ؟ ،، 
أَنَا طَائِرٌ حُرٌّ تَعَلَّمَ مِنْ قَوَامِيسِ السِّنِينْ ،، 
أَنَّ الْحَيَاةَ مَتَاعِبٌ إِنْ لَمْ تَجِدْ فِيهَا الأَمِينْ ،،
وَالطَّامِعُونَ بِعَرْشِهَا مُتَعَانِقُونَ مَعَ الأَنِينْ ،،
فَلِمَ أُغَرِّدُ وَالأّذَانُ تَغَلَّقَتْ وَلَهَـا طَنِينْ ؟ ،،
مَنْ غَرَّدُوا قَبْلِيْ هَوَوُا مَابَيْنَ مَطْرُودٍ حَزِينْ،،
أَوْ خَائِفٍ مُتَوَجِّسٍ فِي ظُلْمَةِ الْقَبْوِ الْمُهِينْ،،
وَبَيْنَ مَسْجُونٍ قَضَى مَا بَيْنَ أَيْدِي الظَّالِمِينْ،،
فَلِمَ أَغَرِّدُ خَائِفًا مُسْتَنْجِدًا بِالْخَائِفِينْ ؟ ،،
دَعْنِيْ أَعِيشُ كَمَا أَنَا حُرًّا وَمُرْتَفِعَ الْجَبِينْ،،
مِنْ دُونِ خَوْفٍ مِنْ قُيُودٍ أَوْ عُيُونٍ أَوْ كَمِينْ ،،
إِنْ شِئْتَ تَغْرِيْدًا أُغَرِّدُ شَاعِرًا لِلْحَالِمِينْ ،،
وَاخْتَارُ مِنْ أَبْيَاتِهِ مَا كَانَ مَوْزُونًا رَصِينْ،،
فِي الْحُبِّ وَالأَشْوَاقِ وَالأَحْلامِ أَوْ بَعْضَ الْحَنِينْ ،،
وَأُقَاطِعُ التَّغْرِيدَ فِي الرَّأيِ الْمُسَيَّسِ والْمُشِينْ،،
هَذَا قَرَارِيْ طَائِعًا بِالشِّعْرِ وَالنَّسْجِ الْمَتِينْ ،،
أَعْلِنْتَه مُتَبَرِّئًا مِنْ كُلِّ تَغْرِيـدٍ يُدِينْ ،،
فَدَعِ السِّيَاسَةَ إِنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الْعَصْرِ الدَّفِينْ ،،
تَسْتَهْوِيْ كُلَّ مُتَيَّمٍ بِالظُّلْمِ أَوْ حَنَثِ الْيَمِينْ ،،
وَلَهَا بَرِيقٌ سَاحِرٌ لَكِنَّهَا مِثْلُ السَّفِينْ ،،
تُبْحِرْ إِلَى بَحْرِ الْعَذَابِ وَلاَ تَكَادُ بِهَا تَبِينْ ،،
حِقُدٌ وَغِلٌ ظَاهِرٌ وَعَدَاوَةٌ فِي الْعَالَمِينْ ،،
وَتَنَافُسٌ مُتَوَاصِلٌ بَيْنَ الْمُسَمَّنِ وَالسَّمِينْ،،
وَتَسَلُّطٌ وَتَمَلُّقٌ وَتَقَرُّبٌ لِلظَّالِمِينْ ،،
وَتَجَبُّرٌ وَتَكَبُّرٌ لِسَلْبِ حَقَّ الْكَادِحِينْ ،،
فَلِمَ أُغَرِّدُ نَاقِمًا أَوْ نَاقِدًا لِلنَّاقِدِينْ ؟،،
دَعْنِيْ أُغَرِّدُ شَاعِرًا فَالشِّعْرُ قُوتُ الشَّاعِرِينْ،،
وَلِمَنْ أَرَادَ سِيَاسَةً وَمُتَابِعِينَ مُغَرِّدِينْ ،،
فَلْيَسْتَمِرَّ مُغَرِدًا فَغَدًا بِهِ الْخَبَرُ الْيَقِينْ ،،

الثلاثاء، 6 يناير 2015

قصيدة شعرية من ديواني الجديد بعنوان : رِثَاءُ نَفْسْ




سَأرْثِي نَفْسِيْ إِذَا لَمْ يَرْثِهَا بَشَرٌ ،، فَكُلُّ شِعْرِي رِثَاءٌ قَادَهُ الْقَدَرُ ،،
قَدْ كُنْتُ فِي الْقَوْمِ صَفْوًا لاَ يُعَكِّرُهُ ،، مَنْ يَسْتَقِيْ مِنْهُ وَالْبَغْضَاءُ تَسْتَعِرُ ،،
يَهْوَيْ زُلاَلاً عَلَى مَنْ كَانَ يَطْلُبُهُ ،، بَرْدًا وَعَذْبًا مِنْ الْعَلْيَاءِ يَنْحَدِرُ ،،
وَكُنْتُ جَلْمُودُ صَخْرٍ لاَ تُزَحْزِحَهُ ،، رِيْحٌ تُصَرْصِرُ فِيهَا الْبَرْقُ وَالْمَطَرُ ،،
أَقُولُ مَا شِئْتُ أَشْعَارًا يُزَيِّنُهَا ،، وَزْنٌ وَقَافِيَةٌ فِي الشِّعْرِ تَزْدَهِرُ ،،
فَالشِّعْرُ وَحْيٌ وَقَدْ أَوْحَتْ إِلَيَّ بِهِ ،، نَفْسٌ لَهَا فِي جَلالِ الشَّوقِ مُخْتَبَرُ،،
سُبْحَانَ مَنْ عَلَّمَ النَّحْلاَتِ صِنْعَتَهَا ،، تُعْطِيْ الشِّفَاءَ لِمَنْ قَدْ مَسَّهُ ضَرَرُ ،،
وَعَلَّمَ النَّاسَ مَا لَمْ يَعْلَمُوا سَلَفًا ،، عِلْمًا يَقِينًا رَقَا مِنْ بِعْضِهِ بَشَرُ ،،
فَلَسْتُ بِالشِّعْرِ مَرْسُولاً ولا نُذُرًا،، وَلاَ نَبِيًّا .. وَلَكِنْ شَاعِرٌ بَصِرُ ،،
أُعَانِقُ الشَّعْرَ وَالأَوزَانُ تَسْحَرُنِي ،، وَقَائِلُ الشِّعْرَ لاَ يُبْقِي وَلاَ يَذَرُ ،،
فَوَحْيُ شِعْرِيْ لَهُ وَضْعٌ وَمَنْزِلَةٌ ،، يَأْتِي إِلَيَّ إِذَا مَا هَزَّهُ وَتَرُ ،،
فَكَيْفَ لاَ أَرْثِي نَفْسًا بِالرِّضَا جُبِلَتْ ،، وَفِي تَفَاصِيلِهَا لِلْحُبِّ مُعْتَصَرُ ،،
تُعْطِيْ وَتَمْنَحُ لَمْ تَبْخَلْ عَلَى أَحَدٍ ،، فِي كُلِّ بَحْرٍ لَهَا خَوْضٌ وَمُنْتَصَرُ ،،
يَا نَفْسُ إِنْ مُتِّ فَالأَيَامُ زَائِلَةٌ ،، وَالْحُبُّ مُنْكَسرٌ .. وَالظِّلُّ مُنْحَسِرُ ،،
أَرْثِيْكِ يَا نَفْسُ وَالأَبْيَاتُ شَاهِدَةٌ ،، فَالْمَوْتُ حَقٌّ وَأَنْتِ السَّابِحُ الْعَطِرُ ،،
أَرْثِيْكِ فَالشِّعْرُ بَعْدَ الْمَوْتِ مُنْكَسِرٌ ،، وَالنَّاسُ قَدْ شُغِلُوا عَنِّيْ بِمَنْ قَبَرُوا،،
فَأَنْتِ نَفْسِيْ وَهَلْ هَانَتْ لَدَى بَشَرٌ ،، نَفْسًا تَقُودُ إِلَى خَيْرٍ وَتَنْتَصِرُ ،،
وَالنَّاسُ فِي الْحَشْرِ أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمْ ،، يَقُولُ نَفْسِي وَيَغْشَى قَلْبَهُ الْحَذَرُ،،
فَكَيْفَ أَنْسَاكِ فِي شِعْرٍ أُرَدِّدُهُ ،، وَأَنْتِ نَفْسِيْ الّتِي مَا شَابَهَا الْكَدَرُ ،،
فَالشِّعْرُ وَالْمَوتُ فِي أَعْمَارِنَا قَدَرٌ ،، وَأَنْتِ يَا نَفْسُ فِي أَشْعَارِيَ الْقَدَرُ ،،
عِيْشِي كَمَا شِئْتِ بِالتَّقْوَى مُعَزَّزَةٌ ،، فِإنْ غَفَوتُ فَأَنْتِ الْحَارِسُ الظَّفِرُ،،
وَإِنْ قَضَيْتِيْ مِنَ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا ،، فَفَي الْجِنَانِ سَيَبْقَى فِي الْمَدَى وَطَرُ ،،
سَتَذْكُرِينَ إِذَا قَدْ شَاءَ خَالِقُنَا ،، أَنْ نَلْتَقِيْ بَعْدَ أَنْ نَفْنَى وَنَنْدَثِرُ ،،
مَا قُلْتُ فِيكِ مِنَ الأَشْعَارِ مُمْتَدِحًا ،، وَمَا نَسِيتُ فَأَنْتِ خَيْرُ مَنْ غَفَرُوا،،
تَرْقَا النُّفُوسُ إِذَا فِي ذَاتِهَا نُذُرٌ ،، وَأَنْتِ يَا نَفْسُ فِيْكِ الأُنْسُ وَالنُّذُرُ ،،
تَرْضَيْنَ بِاللهِ رَبًّا لاَ شَرِيكَ لَهُ ،، وَتَشْكُرِيْنَ إِذَا مَا النَّاسُ قَدْ مَكَرُوا ،،
وَتُؤْمِنِينَ بِمَا نَزَّلْهُ مِنَ ْكُتُبٍ ،، وَتَسْعَدِيْنَ إِذَا يُتْلاَ بِهَا خَبَرُ ،،
وَبِالنَّبِيينَ آمَنْتِ مُصّدِّقَةً ،، لاَ تَأْبَهِينَ بِمَنْ بِاللهِ قَدْ كَفَرُوا ،،
وَتَطْمَئِنِّينَ بِالإِسْلاَمِ مُعْتَقَدًا ،، وَتَعْبُدِينَ الّذِي سَبَّحْ لَهُ الْحَجَرُ ،،
فَأَنْتِ نَفْسٌ تُحِبُّ الْخَيْرَ فِي جَسَدٍ ،، يُحِبُّهَا ثُمَّ يَحْزَنُ يَوْمَ تَحْتَضِرُ ،،
فَلْيَنْدُبُ الشِّعْرُ نَفْسَ الشِّعْرِ إِنْ رَحَلَتْ ،، وَلْيُرْثِهَا كُلُّ مَنْ بِالنَّفْسِ قَدْ شَعَرُوا ،،
هَذَا هُوَ الآنَ شِعْرِي بَعَدَ أَنْ أَذِنَتْ ،، يَرْثِيْ وَإِنْ قَصَّرَ الْمَرْثَاةَ يَعْتَذِرُ ،،